مقالات و أبحاث

ذوو الإعاقة.. حقوق المواطنة أولى من الاحتفالات الوهمية

0 1

موقع مصر العربية

الإثنين, 28 ديسمبر 2015

عندما تسمع من أحد الأشخاص ذوي الإعاقة الذي ذهب للعمل بناء علي ترشيح من القوي العاملة لأحدي المستشفيات الخيرية الاستثمارية الكبيرة بالمهندسين، أن السيدة مدير الشئون الإدارية بالمستشفى قالت له إنهم يريدون من يعمل لديهم يكون بصحة جيدة ودللت علي ذلك بقولها وهي تتمشي أمامه – وهو المعاق حركيا- زيي كده، ماذا تقول؟

عندما تعلم بأن معظم المنشآت بالقطاع الخاص ترفض تشغيل ذوي الإعاقة، وفي أحسن الأحوال فإن القليل جداً من المنشآت التي تقوم باستيفاء نسبة الـ 5% تطلب أن يرشح إليهم المقعدين تماماً، وتعطيهم الحد الأدنى من الأجر الأساسي ولا تطلب منه الذهاب للعمل، ماذا تقول؟.

جاء علي موقع الأمم المتحدة بمناسبة اليوم العالمي لذوي الإعاقة أن هناك ما يقدر بنحو مليار شخص من ذوي الإعاقة يعيشون في جميع أنحاء العالم (من نحو 7 مليار نسمة في العالم)، يعيش 80 في المائة منهم في البلدان النامية، وأن أكثر من 80 في المائة من ذوي الإعاقة فقراء، وأن الحصول إلى التكنولوجيا هو الحل الرئيسي للمساعدة على تحقيق المشاركة الكاملة والمتساوية للأشخاص ذوي الإعاقة” 1

المشكلة تبدأ من استمرار العمل بالقانون 39 لسنة 1975 بشأن تأهيل ذوي الإعاقة، الذي نص علي نسبة 5% من العاملين في منشآت القطاع الخاص الأكثر من 50 عامل ، وأن نسبة الـ 5% تسري علي القطاع الخاص أو القطاع العام وقطاع الأعمال العام، أو في الحكومة، وهي النسبة التي تقل عن ثلث نسبة ذوي الإعاقة، حيث تتعدي نسبة ذوي الإعاقة في مصر الـ 15% من إجمالي عدد السكان بكثير.

وعلي الرغم من ضآلة نسبة التشغيل بالنسبة لذوي الإعاقة، إلا أن هذه النسبة لا تتحقق علي أرض الواقع، فالكثير من المنشآت في القطاع الخاص لا يلتزمون بتشغيل نسبة ذوي الإعاقة، وعلي الرغم من نص القانون 49 لسنة 1982 المعدل للقانون 39 لسنة 1975علي جواز حبس من لا يلتزم بتشغيل ذوي الإعاقة مدة لا تزيد علي شهر، وغرامة لا تزيد عن المائة جنيه، إلا أننا لم نسمع حتي الآن عن صاحب عمل سواء في الحكومة أو القطاع الخاص قد طبقت عليه عقوبة الحبس ليكون عبره لغيره ممن يحرمون ذوي الإعاقة من حقهم في العمل وفي الحياة.

كما نصت م16 من قانون 49 لسنة 1982 علي أن يلتزم صاحب العمل في حال عدم تشغيله لأحد الأشخاص ذوي الإعاقة المرشحين من قبل مكتب القوي العاملة، بدفع أجر العامل منذ وقت تحرير المخالفة بالكامل لمدة سنة، إلا أنه من الواضح أن مواد القانون هذه لا تفعل، وإلا لما رئينا هذه المخالفات الفجة من قبل أصحاب الأعمال.

هل تعلم بأن السيد وزير القوي العاملة ما زال يطبق قرار وزاري سابق يجعل من المفتش الذي يقوم بالتفتيش علي نسبة الـ 5% لا حول له ولا قوة، حيث أنه لا يستطيع أن يحرر محضراً ضد صاحب العمل المخالف، فقد عليه أن يخطر زميله مفتش العمل بالمخالفة للقيام بتحرير المخالفة التي لم يرها، ولا يعرف عن الواقعة شئ.

وفي الحقيقة أن المخالفات ليست في القطاع الخاص فقط، علي الرغم من نص م10 من ق49 لسنة 1982 المعدل للقانون 39 لسنة 1975 علي أن كل وحدة من وحدات القطاع الحكومي أو العام أو الأعمال العام أن تستوفي نسبة تشغيل 5% بها علي حدة، نجد مخالفات صريحة في العديد من الجهات الحكومية، حيث يقومون بتجميع ذوي الإعاقة من كل الوحدات في وحدة واحدة، ولا أحد يحاكم أو يحاسب من يرتكبها، وسوف أذكر واقعتان علي سبيل المثال لا الحصر:

فقد تم تشغيل 10 عمال نظافة من ذوي الإعاقة ضمن12 عامل هم كل العاملين بالوحدة المحلية أدفا وذلك للقيام بجمع القمامة، وهذا الوضع لا يجعل العمال ذوي الإعاقة يستطيعون القيام بعمل حقيقي منتج، لأنهم نظرا لظروف إعاقتهم فهم غير قادرين علي هذا العمل، وبذلك يتحولون إلي عالة، وفي نفس الوقت يجعل هذا الوضع الوحدة المحلية غير قادرة علي القيام بدورها في القيام علي نظافة القرية وكل القرى المجاورة لها.

رأيت منذ عدة سنوات –والتي أعتقد أنه لم يتغير حتي الآن- أن مئات العمال في مصنع المعسل بالشركة الشرقية للدخان بالجيزة من ذوي الإعاقة الحركية، علي الرغم من أن طبيعة العمل به تستدعي الوقوف طوال ساعات العمل علي أرض مليئة بالعسل مما تصعب عليهم حركتهم.

مما يعني في الحالتين بأن الهيئات الحكومية أو شركات القطاع العام عندما تلتزم بنسبة الـ 5% فإنها تجمع كل النسبة في مكان واحد، وهو ما يؤدي إلي عدم مناسبة العمل بالنسبة لإعاقة العمال هذا بخلاف تعرضهم جميعاً للخطر في حال حدوث أي كوارث بالمنشأة التي يتجمعون فيها. والأهم هو العمل علي فصلهم عن بقية زملائهم العمال، بعكس ما يقول الدستور بضرورة دمجهم، كما أنهم في هذه الحالات ليسوا مخيرين في نوع الأعمال التي يكلفون بها، وهو تمييز ضدهم بسبب الإعاقة وهو ما يعد مخالفة للدستور، الذي نصت م81 منه علي “تلتزم الدولة بضمان حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والأقزام صحياً واقتصاديا، واجتماعياً، وثقافياً وترفيهيا ورياضياً، وتعليمياً، وتوفير فرص العمل لهم مع تخصيص نسبة منها لهم، وتهيئة المرافق العامة والبيئة المحيطة بهم، وممارستهم لجميع حقوقهم السياسية، ودمجهم مع غيرهم من المواطنين إعمالا بمبدأ المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص”

كما أنه مخالفة لكل الاتفاقيات الدولية، وعلي رأسها، اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة الصادرة في عام 2006- والتي وقعت عليها مصر ورفضت التوقيع علي البروتوكول حيث الالتزام بالتنفيذ- جاء في ديباجتها تأكيد علي إدماج قضايا الأشخاص ذوي الإعاقة كجزء لا يتجزأ من استراتيجيات التنمية المستدامة ذات الصلة، كما جاء في م19 من الاتفاقية، إقرار الدول الأطراف في الاتفاقية بحق جميع الأشخاص ذوي الإعاقة بالمساواة بغيرهم في العيش في المجتمع بخيارات مساوية لخيارات الآخرين، وأن تتخذ هذه الدول التدابير المناسبة لتسيير تمتع الأشخاص ذوي الإعاقة الكامل بحقهم وإدماجهم ومشاركتهم بصورة كاملة في المجتمع، وأكدت م27 من الاتفاقية، و الخاصة بحق العمل لذوي الإعاقة، والذي يشمل إتاحة الفرصة لهم لكسب الرزق في عمل يختارونه أو يقبلونه بحرية، وحذرت المادة من التمييز علي أساس الإعاقة.

هذا ومع حلول اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة، قرئنا عن الاحتفاليات التي أقامتها محافظتي الأقصر، والبحر الأحمر، …كما نشرت اليوم السابع أن المستشار أحمد أبو زيد المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية، بحتفل باليوم العالمى للأشخاص ذوى الإعاقة، عبر حسابه الرسمى بموقع التواصل الاجتماعى، و أرفق بها صورة للرئيس السيسى بجانب شخصين ذوى إعاقة وعليها التعليق التالي”تحتفل مصر باليوم الدولى للأشخاص ذوي الإعاقة، متطلعة لتحقيق الإدماج الكامل لهم فى مجتمعات العالم”. 2
وفي الحقيقة لم يذكر أحد من المحتفلين باليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة سواء المحافظين أو السيد المتحدث باسم الخارجية، والذي في الغالب يوجه كلامه للخارج، ولا رئيس الجمهورية الذي يظهر في الصورة يتوسط اثنان من ذوي الإعاقة ماذا فعلوا لذوي الإعاقة؟

هل قام أياً منهم كل في مكانة بمراجعة نسبة تشغيل ذوي الإعاقة في المحافظة أو الوزارة أو الدولة التي يشغل رئاستها؟ هل تأكد كل منهم أن ذوي الإعاقة المشتغلين يعملون في أعمال تناسب إعاقتهم وتأهيلهم وتعليمهم؟، هل كلف أي منهم نفسه بمراجعة المباني التي يعمل بها ذوي الإعاقة ليروا إذا كانت مجهزة بحيث يستطيعون الوصول إليها، والعمل بها أم لا؟ هل قام أياً منهم بتحويل ولو مبني واحد من المباني التابعة له ليكون متاح لكي يستطيع ذوي الإعاقة الوصول إليه سواء للعمل أو لتلقي الخدمة به؟

في الحقيقة أنني أكاد أكون متأكدة من كون الإجابات علي هذه الأسئلة كلها بلا، فلو كانوا يفكرون في أمور ذوي الإعاقة بشكل حقيقي ويريدون حلها، لما وجدنا ذوي الإعاقة هم من أكثر الأشخاص فقراً وحاجة، لما وجدنا الكثير منهم يستغل للتسول باسمه في الشوارع جهاراً نهاراً أمام أعين الجميع.

رابط المقال:

http://www.masralarabia.com/%D8%B3%D8%A7%D8%AD%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D9%8A%D8%A9/856276-%D8%B0%D9%88%D9%88-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B9%D8%A7%D9%82%D8%A9-%D8%AD%D9%82%D9%88%D9%82-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%A7%D8%B7%D9%86%D8%A9-%D8%A3%D9%88%D9%84%D9%89-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AD%D8%AA%D9%81%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%88%D9%87%D9%85%D9%8A%D8%A9

About the author / 

مدير الموقع

Leave a reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

مقالات و ابحاث