
صحيفة الرياض الالكترونية
الأحد 25 اكتوبر 2015
تحقيق – نواف العتيبي
إيجابيات القرار تفوق السلبيات وتنهي مرحلة عزلهم عن المجتمع
دمج ذوي الإعاقة.. نجاح التجربة مرهون بتعاون المعلم والطالب
تقوم وزارة التعليم بدور كبير في مجال دمج الطلاب ذوي الاحتياجات التربوية الخاصة في المدارس العادية على مستوى إدارات التعليم بمناطق المملكة، وعلى الرغم من قصر عمر تجربة هذه الوزارة في هذا المجال إلاّ أنّها استطاعت أن تقطع شوطاً كبيراً ينسجم مع التطور السريع الذي تشهده المملكة في كافة المجالات، فقد أصبحت أعداد برامج التربية الخاصة المطبقة في المدارس العادية تفوق كثيراً أعداد معاهد التربية الخاصة والبرامج التابعة لها، كما أصبحت أعداد التلاميذ الذين يتلقون خدمات التربية الخاصة في المدارس العادية تفوق كثيراً أعداد أقرانهم الذين يتلقون تلك الخدمات في المعاهد والبرامج التابعة ويعتبر دمج ذوي الاحتياجات الخاصة في المجتمع إحدى الخطوات المتقدمة التي أصبحت برامج التأهيل المختلفة تنظر إليها كهدف أساسي لتأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة حديثاً.
وينبغي ألا يغيب عن بالنا بأن للدمج قواعد وشروط علمية وتربوية لابد أن تتوافر قبل وأثناء وبعد تطبيقه، كما وأن رغم وجود المعارضين فإن مبدأ الدمج أصبح قضية تربوية ملحة في مجال التربية الخاصة، ولعل أكثر ما يخشاه المعارضون لمبدأ الدمج هو حرمان طالب ذوي الاحتياجات الخاص من التسهيلات والخدمات والرعاية الخاصة سواء التربوية أو النفسية أو الاجتماعية أو مساعدات أخرى، ولكن حتى يضمن مقدمو الخدمة لذوي الاحتياجات الخاصة نجاح الدمج وتقبله فلا بد للنظر إلى العوائق والاحتياجات، ثم لابد من التخطيط الدقيق لمجموعة من البرامج التي تهيئ عملية الدمج.
تهيئة العاملين
وذكر أحمد عسيري -وكيل مدرسة- أنّ سياسة الدمج تتمثل في أنها توفر بشكل تلقائي خبرات التفاعل بين ذوي الاحتياجات الخاصة وأقرانهم العاديين، وتؤدي إلى زيادة فرص التقبل الاجتماعي لذوي الاحتياجات الخاصة، ويجب وضع التسهيلات داخل المدارس لحركة الطفل الذي يعاني صعوبة في الحركة، وإجراء ما قد يلزم من تغيير في نظام المدرسة، وتهيئة الطلاب لاستقبال ذوي الاحتياجات الخاصة، وحثهم على مساعدته في أداء الواجبات المدرسية في حال عدم قدرته على ذلك مثل نقل غرفة الصف من الطابق العلوي إلى الطابق الأرضي.
وقال: إنّ هناك شروطا من الواجب توافرها لتطبيق سياسة الدمج مثل اختيار المدرسة، تهيئة إدارة المدرسة وتوضيح الهدف من الدمج وتعريفهم بنوعية الإعاقة وطبيعتها وتهيئة العاملين من المدرسين وعمال وتعريفهم بالإعاقة، وتهيئة الطلاب العاديين، ازالة العوائق التي يمكن أن تحول دون مشاركة ذوي الاحتياجات الخاصة في الأنشطة المدرسية، تهيئة الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة للدمج، توفير وسائل الأمن والسلامة، مضيفا ان المقصود بأسلوب الدمج هو تقديم كافة الخدمات والرعاية لذوي الاحتياجات الخاصة في بيئة بعيدة عن العزل وهي بيئة الفصل الدراسي العادي بالمدرسة العادية، أو في فصل دراسي خاص بالمدرسة العادية أو فيما يسمى بغرف المصادر والتي تقدم خدماتها لذوي الاحتياجات الخاصة لبعض الوقت.
بيئة تعليمية
وبيّن خالد الحربي -معلم صعوبات تعلم- أنّ للدمج إيجابيات ومنها تقليل الفوارق وإعطاء فرصة للطالب المعوق ضمن البيئة التعليمية والانفعالية والسلوكية، ومن آثاره الإيجابية تعلم مهارات أكاديمية جديدة واكتساب مهارات اجتماعية جديدة وتعزيز ثقة المعوقين بأنفسهم عن طريق دمجهم بالعاديين ويؤدي وجود المعوقين والعاديين معا في فصل دراسي واحد إلى زيادة التفاعل والاتصال ونمو العلاقات المتبادلة لتربية المعوقين وغير المعوقين يزيد شعور المعوقين بأنهم قادرين على العطاء مثلهم مثل العاديين، موضحا أنّ هناك سلبيات ومنها يصبح الدمج في بعض الأحيان مضراً بالطالب المعوق عندما يكون وجوده شكليا بالمدرسة العادية، إما لحدة إعاقته أو لعدم وجود الظروف الملائمة السلبية التي يحملها المجتمع اتجاه المعوقين.
وأضاف إنّ ذلك يشكل صعوبة نحو تطبيق هذه السياسة وتنفيذها، وقد يؤدي إلى الإحباط لدى المعوقين بسبب عدم القدرة على مجاراة الطلبة العاديين وقد يحدث في بعض الأحيان خلل أو فشل في النظام الإداري للمدارس العادية؛ مما يؤدي بالضرورة إلى نتائج وخيمة تضر بجميع الطلاب داخل المدرسة سواء العاديين منهم والمعوقين، بل إنّ آثاره سوف تمتد لتشمل المجتمع بوجه عام، وهنا يتضح أنّ إيجابيات الدمج في المدارس العادية تفوق كثيراً سلبياته، لكن سلبيات الدمج جميعها تعتبر من النوع الذي يمكن معالجته، والتغلب عليه إذا ما وجد التخطيط السليم والإشراف المنظم.
دمج اجتماعي
وأوضح مشاري العنزي -معلم تربية خاصة- أنّ من أهداف الدمج إتاحة الفرص لجميع الطلاب المعوقين للتعليم المتكافئ والمتساوي مع غيرهم من الطلاب، وكذلك إتاحة الفرصة للطلاب المعوقين للانخراط في الحياة العادية، وإتاحة الفرصة للطلاب غير المعوقين للتعرف على الطلاب المعوقين عن قرب وتقدير مشاكلهم، ومساعدتهم على مواجهة متطلبات الحياة، وخدمة الطلاب المعوقين في بيئتهم الحالية، والتخفيف من صعوبة انتقالهم إلى مؤسسات ومراكز بعيدة عن بيتهم وخارج أسرهم، وينطبق هذا بشكل خاص على الطلاب من المناطق الريفية والبعيدة.
وأضاف إنّ الدمج التعليمي يكون أشراك الطلاب المعوقين مع الطلاب غير المعوقين في مدرسة واحدة تشرف عليها نفس الهيئة التعليمية وضمن البرنامج المدرسي مع وجود اختلاف في المناهج المعتمدة في بعض الأحيان ويتضمن البرنامج التعليمي صف عادي وصف خاص وغرفة مصادر، كذلك هنالك الدمج الاجتماعي وهو التحاق الطلاب المعوقين بالصفوف العامة بالأنشطة المدرسية المختلفة كالرحلات والرياضة وحصص الفن والأنشطة الاجتماعية الأخرى.
تطوير الإحساس
وبيّنت عايدة الدرعان أنّ نظام الدمج يشعر الآباء والأمهات بعدم عزل ابنهم المعوق عن المجتمع، بل يشعرون بأنّ المجتمع معهم ويساندهم ويقوم بدوره الذي حث عليه الدين الحنيف تجاه ذوي الاحتياجات الخاصة، مضيفة إذا رأى الوالدان تقدم الطفل الملحوظ وتفاعله مع الطلاب العاديين فإنّهما يبدأن التفكير في الطالب أكثر وبطريقة واقعية، كما أنّهما يريان أن كثيرا من تصرفاته مثل جميع الطلاب الذين في مثل عمره وبهذه الطريقة تتحسن مشاعر الوالدين تجاه طفلهم وكذلك تجاه أنفسهم.
وأشارت إلى أنّ برامج الدمج تقود الطلاب المعوقين إلى تطوير الإحساس باحترام الذات وتنمية الاتجاهات الإيجابية لدي الطالب المعوق تجاه زملائه العاديين، موضحة أنّ البعض يعتقد أن دمج الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة مع الطلاب العاديين قد يسبب للطالب المعوق بعض الإحباط، إلاّ أنّ ذلك أقل ضرراً من الصدمة التي قد يسببها للطالب اضطراره لإجراء تعديلات في أفكاره ومفاهيمه حول الحياة في المجتمع بعد تخرجه من المدرسة.
تأهيل المعلمين
واكد أحمد البلوي -معلم صعوبات وصفوف أولية- أنّ المدارس العادية تعدّ هي البيئة الطبيعية التي يمكن للطلاب ذوي الإعاقة والعاديين أن ينموا فيها معاً على حد سواء وعليه، فإن القيام بإجراء بعض التعديلات في بيئة طبيعية لتفي بالاحتياجات الخاصة بالطلاب ذوي الإعاقة أسهل واجدى من القيام بتعديل بيئة اصطناعية لتفي باحتياجاتهم الأساسية، لافتاً إلى أنّ الدمج يعمل على الحد من المركزية في تقديم الخدمات التعليمية كما يتيح الفرصة للمؤسسات التعليمية المحلية المختلفة أن تستفيد من تجربة تربية الطلاب ذوي الإعاقة. وأضاف إنّ الدمج يساعد في تخليص اسر ذوي الاحتياجات الخاصة من الشعور بالذنب والإحباط واستيعاب اكبر عدد من ذوي الاحتياجات الخاصة الذين قد لا تتوفر لديهم فرص التعليم بسبب قلة عدد مؤسسات ومراكز التربية الخاص، منوهاً بأنّ من السلبيات عدم توفير معلمين مؤهلين ومدربين جيداً في مجال التربية الخاصة في المدارس العادية، وذلك قد يؤدي إلى إفشال برامج الدمج مهما تحققت له من إمكانيات، وكذلك قد يعمل الدمج على زيادة الفجوة بين الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة وباقي طلبة المدرسة، خاصة أن المدرسة العادية تعتمد على النجاح الأكاديمي والعلامات كمعيار أساسي.
تجهيزات خاصة
ورأى سلطان الشلاش -وكيل مدرسة- بأنّ الدمج هو برنامج هادف وشبه ناجح، لكنه يحتاج إلى تكاتف من الجهات المشرفة عليه واقصد إدارة التربية الخاصة بكل منطقة ووزارة التعليم وإدارات المدارس، مضيفا من واقع تجربة ميدانية من خلال تواجد حالة لطالب معوق على كرسي متحرك بالمدرسة التي عملت بها سابقا شاهدت كيف أنّ الموضوع يحتاج فعلا لخدمات كبيرة لابد من توفيرها بالمدرسة، فالطالب المعوق يحتاج لممرات خاصة ليستطيع التنقل من الفصل لأي مكان داخل المدرسة بكل يسر وسهولة، كذلك لابد من توفير دورات مياه مخصصة لهم لا يستخدمها سوى هذه الفئة؛ لأنّ الطالب المعوق يحتاج لشخص يساعده في قضاء حاجته لذلك فلابد من وجود قريب له أو مرافق خاص داخل المدرسة.
وسائل نقل
من جهته قال علي العنزي -ولي أمر طالب معوق-: الحمد لله على كل حال أنا عندي ابني خالد لديه شلل أطراف سفلية انهى المرحلة الابتدائية العام الماضي، كنت أفكر في إدخاله مدرسة خاصة لكن بعد قرار الدمج بالمدارس العامة قررت تسجيله، والحمد لله الفكرة كانت ممتازة حيث التحق ابني بالمدرسة، وأصبح طالب مدرسة مثله مثل بقيه الطلاب، أقوم بتوصيله الصباح ويعود برفقه أخيه الذي معه بالمدرسة، وذلك لقرب المنزل من المدرسة، وهو يتلقى تعليمه وسط تشجيع من زملائه ومعلميه وبمعنوية عالية.
وأضاف إنّ ما يحتاجه خالد وأمثاله من طلاب ذوي الاحتياجات الخاصة هو توفير وسائل مواصلات تنقلهم من منازلهم للمدرسة، وكذلك توفير برامج رياضية تناسب إعاقتهم ووضع الفصول الدراسية بالطابق الأرضي خصوصا بالمدارس التي لا يوجد بها مصاعد كهربائية بالإضافة للخدمات العامة داخل المدرسة من قاعات مجهزة بوسائل تعليمية مناسبة، ودورات مياه، وممرات ومداخل مجهزة لأصحاب العربات منهم.
فيما أكّد خالد على حديث والده، مبيّناً إنّه لا يشعر بالحرج أو النقص بين زملائه، فهو يمارس حياته بشكل طبيعي بواسطة الكرسي المتحرك، ويحضر للمدرسة بكل جد ونشاط، حيث يساعده شقيقه في ذلك، وكذلك بعض الأصدقاء المتطوعين.

يساعد الدمج على تغيير صورة المعوق في ذهن المجتمع

الدمج افضل من عزل ذوي الإعاقة عن أقرانهم





مقالات و ابحاث
- 29 نوفمبر, 2017 أسباب السلوكيات السيئة لدى الأطفال
- 27 نوفمبر, 2017 لعبة فيديو لتحسين قدرة المصابين بالتوحد
- 26 نوفمبر, 2017 دراسة تربط تناول مضادات الاكتئاب أثناء الحمل بزيادة طفيفة في مخاطر التوحد
- 26 نوفمبر, 2017 عقار جديد قد يحدث طفرة في علاجات مرض التوحد
Leave a reply