فبعد نحو سنتين على المساءلة القانونية التي خاض غمارها الاتحاد، و«تحالف جمعيات الأشخاص المعوقين» من جهة، والنواب والوزراء المعنيون من جهة أخرى، تحت عنوان «الدمج حقنا»، نقل الاتحاد النقاش إلى أروقة السلطة التنفيذية، الممثلة برئاسة مجلس الوزراء أمس. التجاوب في المواقف كان كبيراً، والأمل يبقى دائماً أن يرتبط ذلك التجاوب مع خطوات نحو تطبيق قانون ضم حقوق فئة من اللبنانيين تزيد نسبتها عن عشرة في المئة وفق الإحصاءات المدنية. إذ إن الوعود السابقة التي أغدقت كثيرة، وقد تضمنها البيان الوزاري لحكومة الرئيس سعد الحريري السابقة، قبل أن يتضمنها البيان الوزاري لحكومة ميقاتي الحالية، حيث اقترن استصدار المراسيم التطبيقية للقانون، بتصديق المجلس النيابي اللبناني على الاتفاقية الدولية بشأن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (2006) وبروتوكولها المرفق. لكن الاتفاقية، شأنها شأن القانون، تنتظر في عامها السابع، إرادة سياسية جدية. فهل يشهد العام الجاري نقلة نوعية في وصول الأشخاص المعوقين إلى حقوقهم؟
عام الحقوق
ولفت رئيس الاتحاد حسن مروة إلى أن القانون الذي صدر في العام 2000 كان «ثمرة حملات متعددة قامت بها جمعيات الأشخاص ذوي الاعاقة». وبالرغم من المبادرات القيمة التي انطلقت منذ ذلك الوقت، إلا أن «التحديات تصاعدت وبالتحديد على مستوى الإدارات العامة، حيث لم يحدث تطور تنظيمي ليرعى وينظم الشؤون العملية في القطاعات المتعددة وليوفر الاستدامة». كذلك «لم نلحظ أي تغيير أو تعديل على قانون الموازنات المتتالية مقابل استنفاد طاقاتنا وجهودنا، فلذا لا يمكننا أن نأخذ دور الدولة». واقترح مروة إعلان العام 2013 «عام حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة»، وتكليف لجنة وزارية لإعداد إستراتيجية وطنية لتطبيق القانون، و«ضمان حقوق الأشخاص المعوقين ومبدأ الدمج في جميع الخطط والسياسات والقوانين والقرارات والبرامج التي تعتمدها الدولة اللبنانية والمجتمع المدني». بالإضافة إلى «اعتماد مراجعة دورية على المستوى الحكومي لمواكبة المسار ودعمه».
بدوره رأى صاغية «أننا أمام قانون تطبيقه شرط أساسي لاكتساب عدد كبير من المواطنين حق المواطنة، وهو مؤشر على مدى الالتزام بالمواطنة وبعدها عن الزبائنية والطائفية». كما أن مشاكل الأشخاص المعوقين، وفقه، صورة مضخمة لمشاكل المواطن في حياته اليومية. هكذا، «فإن السعي إلى مراجعة القانون ليس من أجل تعديله فحسب، بل أيضاً من أجل خلق دينامية لتنفيذه ومن أجل دينامية اجتماعية أوسع في تقبله».
ولفت المحامي نزار صاغية في مداخلته إلى تبريرات «الادارة العامة» لعدم تنفيذها القانون. هكذا، كانوا يتذرعون بغياب المراسيم والقرارات أو افتقادهم إلى «الموازنات الضرورية». لكن الدولة «فوتت على نفسها مداخيل مهمة اذ لم تستوفِ عقوبات عدم توظيف القطاع الخاص للمقعدين». أما عن تحركات الأشخاص المعوقين فقد لحظ صاغية لجوءهم إلى حوار تصالحي مع الدولة ومؤسساتها بدل اللجوء إلى «المقاضاة الاستراتيجية في حالات عدم التزامها بالقانون».
أما وزير الشؤون الاجتماعية وائل أبو فاعور فأشار إلى أن تطور «التعابير اللفظية»، في السنوات الماضية، لم يصاحبه تطور في «المضامين الفعلية. إذ كان التفاعل العام معها، اجتماعياً أو من جهة الدولة، قاصراً». لكن أبو فاعور اعتبر أنه بالرغم من تقبله للنقد الذي وجه إلى القانون لا يزال يراه الأكثر عصرية، «لكن القانون في بلادنا يحتاج إلى قوة دفع سياسية حتى ينفذ». والدولة التي تحتاج إلى «مَن يرفع الصوت معها»، كما قال أبو فاعور، لم تقصر في هذه المسألة «على الأقل خلال عهد هذه الحكومة. اذ تكفلت الدولة بتكاليف رعاية المعوقين بنسبة مئة في المئة. كما حصل تطور في آليتي الاستشفاء والتوظيف بالتعاون بين الوزارات بالرغم مما تعانيه، من سوء تنسيق في ما بينها».
وأكد ميقاتي التزام حكومته «التزاماً كاملاً بالقانون، لذا قررنا جعل العام 2013 عامَ الالتزام به، ووضعه موضع التطبيق الفعلي، وقريباً سيعرض على مجلس الوزراء لتشكيل لجنة وزارية يكون عملها بالتعاون مع المجتمع المدني. كما أني سأقدم اقتراحاً بتشكيل خلية خاصة لمتابعة تطبيقه».
مع المراجعة
استندت المراجعة بشكل أساسي على مجموعة من المصادر المتفرقة، أهمها، القوانين والتنظيمات الصادرة منذ صدور القانون 220/2000 والمتعلقة بتنفيذه وحقوق الأشخاص المعوقين، ومراجعة النشرتين الدوريتين الرئيسيتين في هذا المجال وهما «مجلة واو»، التي تصدر عن «اتحاد المقعدين اللبنانيين» منذ العام 1999، ومجلة «أصداء المعاقين» التي تصدر عن «الجمعية الوطنية لحقوق المعوق في لبنان»، منذ العام 1990. بالإضافة إلى مراجعة دراسات قانونية حول الحقوق، وأعمال المؤتمرات والندوات المخصصة في قضايا الإعاقة، أضيف إليها اجتماع بمسؤولين وممثلين عن الدولة اللبنانية، وبممثلين عن جمعيات الأشخاص المعوقين الناشطة في المناصرة، وخاصة «اتحاد المقعدين اللبنانيين»، و«جمعية الشبيبة للمكفوفين»، و«الجمعية الوطنية لحقوق المعاق»، و«اتحاد جمعيات المعوقين في لبنان»، ومقالات وتحقيقات نشرت في الصحف اللبنانية والمواقع الإلكترونية المختلفة.
ومن خلال العمل بحث معدو المراجعة في النظام القانوني المتعلق بحقوق الأشخاص المعوقين ومدى نفاذه. ونظراً لعدم نفاذ معظم الحقوق، حاول تحليل ما ظهر من الخطاب الرسمي للمسؤولين اللبنانيين بشأن مدى التزام الدولة تجاه هذه الفئة الاجتماعية المهمشة. كما نظر بشكل أساسي إلى حراك المجتمع المدني, وتحديداً جمعيات الإعاقة، في ظل الإخلال بتنفيذ قانون حقوق الأشخاص المعوقين.
مقالات و ابحاث
- 29 نوفمبر, 2017 أسباب السلوكيات السيئة لدى الأطفال
- 27 نوفمبر, 2017 لعبة فيديو لتحسين قدرة المصابين بالتوحد
- 26 نوفمبر, 2017 دراسة تربط تناول مضادات الاكتئاب أثناء الحمل بزيادة طفيفة في مخاطر التوحد
- 26 نوفمبر, 2017 عقار جديد قد يحدث طفرة في علاجات مرض التوحد
Leave a reply