مقالات و أبحاث

أثر لحماية الزائدةعلى الطفل

0 4

 

 

السلام عليكم و رحمة الله وبركاته

الحمايةالزائدة، كما الإهمال، يزرعان الخوف عند الطفل

ثمّة أسباب كثيرة يمكن أن تقود المرء إلى عيش حياتهفي حالة من الخوف، وأحياناً يكون السبب لا لبس فيه، واضحاً وضوح الشمس، كما في حالةالأطفال الذين يعانون صدمات كبيرة أو عنف أو إهمال أو هجر. وفي مناسبات أخرى، يظهرالخوف سالكاً طريقاً مختلفاً قد يكون مرضاً نفسياً أو بدنياً أو مصاعب مالية كبيرةلدى الأهل أو فقدان شخص عزيز أو طلاق، كما أنّ الطباع الموروثة قد تزيد من حدةالظروف المحيطة بالحدث. وحتى نتمكن من تغيير نمط حياة يسيطر عليه الخوف، يجب أننفهم الطريقة والسبب الذين أديا إلى تعمق هذا الشعورفينا.
من بين العواملالعديدة التي يمكن أن تسهم في نشوء نمط حياة يسيطر عليه الخوف، تجد أنّ الأكثرتأثيراً هي الأحداث الصادمة المأساوية التي نعيشها. فالصدمة البدنية أو الانفعاليةقد تضر إلى حد كبير بقدرة الشخص على الإحساس بالأمان في العالم المحيط به. وتكونإحدى النتائج المترتبة على هذا النوع من الأحداث هي إحساس دائم الخشية من أن تتكررالخسارة. قد تكون من النوع الذي يرد تلقائياً أو يتجشم أي مخاطرة حتى لا يغريالقدر. هذه البراءة المفقودة قد تحمل معها ارتدادات خطيرة جدّاً حين تحصل الصدمة فيوقت مبكر من الحياة.
وليسمن الضروري أن تتكرر الصدمات، فواحدة تكفي لإحداث نتائجمدمرة.
وقد تختلف خطورةمعينة بين شخص وآخر. فبعض الأحداث تحمل أثراً مدمراً على أحد أفراد الأسرة في حينأنّها لا تؤثر سوى تأثير ضئيل على فرد آخر. كما أحداثاً يعتبرها الكبار قليلةالأهمية قد تؤدي إلى فقدان توازن كبير لدى الطفل، وأيضاً منها بعض الأحداث العالميةالضخمة التي قد يشعر بأنّها لحظة حاسمة فتزرع عنده حالة من القلقالدائم.
وإذا كنت قد عشتعدداً من الصدمات في حياتك، فهذا لا يعني أن نمط حياتك سيكون تحت سيطرة الخوف، فبعضالأشخاص الذين عانوا من صدمات متعددة ينجحون في تخطيها ويظلون منفتحين أمام الحياةوتحدياتها ومغامراتها، على الرغم من المآسي التي مروابها.
وقد يرسخ الخوف عندأشخاص آخرين نتيجة صدمة سرية، حدثت من دون ضجيج، وقد لا يخبر الطفل أحد بها. هيصدمة تتركه وحيداً في محاولة للتعامل مع الوضع الذي يعيشه. إنّ أكثر الأوضاع التيتتسبب في الخوف عند الأطفال هي الأوضاع التي لا يستطيعون فيها أن يفهموا ما يحصلمعهم ولا يكون لديهم أي شخص يلجئون بشكل طبيعي إلى دعم الآخرين لمساعدتهم على فهمتجاربهم. ولكن قد يحصلون أحياناً على معلومات مغلوطة أو مخادعة أو متهربة تعطيالنتيجة العكسية المرجوة منها.
وبشكل عام، لا يعرف الأطفال كيف يصفون الأشياء التي لا تجري على ما يراممن حولهم، وكثيراً ما يشعرون، وهم على حق في هذا، أنّهم تحت رحمة الأشخاص المحيطينبهم والذين يمسكون بزمام السلطة. وسيفعلون بالتالي كل ما بوسعهم حتى يتمكنوا منالاستمرار في كنف أسرهم الأصلية، إما بأن يسيطر عليهم الصمت أو الحزن وإما بأنيصبحوا عدوانيين أو أيضاً أشخاصاً سريعي الوجل. وحين يصبحون كباراً، سيظلون يعيشونحياتهم كما غاشوها صغاراً، حتى لو أنّ الظروف التي عرفوها قد تغيرت. فأسلوب الحياةالذي اتبعوه والذي يسيطر عليه الخوف قد أصبح أسلوبهم المعهود وهو يسيطر على ما عداهحتى لو أنّه صار غير ضروري لتأمين استمرارهم كما فيالسابق.
ثمّة عامل آخريمكن أن يسهم في إحلال نمط حياة يسيطر عليه الخوف وهو شخصية المرء في حد ذاتهوموروثة، فالشخصية تشكل واحداً من العوامل الحاسمة الأقوى، وحتى المواليد الجددليسوا “صفحات بيضاء” كما يُظَن. فبعضهم هادئون وبعضهم الآخر عصبيون وبعضهم الأخيرشديد الوعي، ولم تسمح أي دراسة حتى الآن بالجزم بأفضلية طريقة تربوية على أخرى. في المقابل، يعتبر أن كل أنواع التطرف، سواء أكان في الأسلوب أو إستراتيجياتالتربية المعتمدة، مسبباً أكيداً للمصاعب في الحياة. فبعض الأهل يقومون بالحماية الشديدة فيمنعون أطفالهم من العيش بطريقة طبيعية حيث انهم يتدخلون  في كل كبيرة وصغيرة. وبعضهم الآخر يضع مسافة كبيرة بينه وبينالطفل إلى درجة أنّه لا يهتم بسلامته البدنية والنفسية وقد يعرضها للخطر. إن نوعيالتربية المذكورين قد يؤديان إلى العواقب ذاتها.
الحماية الزائدة:
يعرفالأطفال بالسليقة أنّهم لن يحصلوا على ما يريدون من الحياة من دونتكبد بعضالمخاطر. والحقيقة أنّ المكسب قد يكون كبيراً أحياناً. وقد تبدو الجهود التي يبذلهاالأهل في محاولتهم خلق بيئة بعيدة عن أي خطر بالنسبة إلى صغارهم جهوداً حميدة،ولكنهم في النهاية يلحقون الضرر بهم.
حين يفرط الأهل من حين إلى آخر في حماية أطفالهم، لنيتسببوا في خلق نمط حياة يسيطر عليه الخوف. ولكن، إذا ما تكررت هذه التجارب، فإنّهاقد تؤدي أحياناً إلى نقل رسالة مفادها أن غالبية الأوضاع تمثل خطراً على الطفل وهولا يمتلك ما يكفي للمواجهة بوسائله الخاصة وعليه أن يستعين بتدخل أهله وحمايتهمليشعر بأنّه في أمان في هذا العالم. وهكذا، تؤدي الحماية الزائدة إلى عدد منالنتائج السلبية إليكم أهمها:
· إحساس زائف بالأمان: يعتقد الأطفال المحميون بشكل مفرط أن أهلهمسيظلون معهم، ويكونون فكرة مبالغاً بها عن قدرات أهلهم. لذا، يشعر الطفل بالصدمةوالضياع حين يواجه وضعاً صعباً وحده، وهذا أمر لابد أن يحدثمعه.
· حرمان من تجاربيجب أن يعيشها الطفل حتى يتعلم كيف يستفيد من أخطائه ومن قلة إدراكه. إنّ الأهلالذين يتدخلون لحماية الطفل من كل المصاعب والأخطاء في الحياة يحولون دون تعلمه كيفيتحمل مسؤولية أعماله. وسيعتبر الطفل أن والديه سيكونون معه مهمافعل.
· حرمان الطفل منإمكانية تقويم المخاطر ومواجهة التحديات وتعلم التعامل مع وضعيات مختلفة من شأنهاأن تنمي ثقته بنفسه.
الإهمال. إنّ عكس الحماية المفرطة هو الإهمال وهو وسط لا يحظى فيه الطفل بحمايةالبتة وهذا ما قد يسبب له الخوف أيضاً. إليكم بعض نتائجالإهمال:
· ظهور إحساسمعمم بالحذر إزاء العالم، لأنّ الطفل المهمل نادراً ما يشعر بالأمان فيبيئته.
· نشوء وضعياتخطيرة لأنّ الأطفال لا يعرفون كيف يتعاملون مع كل المشكلات التي يتعرضون لها وكلالمخاطر التي تواجههم.
· قلق الطفل من أنّه لا يقوم بما يجب أن يقوم به، ما يتسبب في نشوء ما يسمىبـ”متلازمة الدجال” أي إنّ الطفل، حتى لو أنّه يتدبر أمره بشكل جيِّد، يشعر بأنشخصاً سيكتشف كم هو غير ناجح أو كم هو جاهل.
· انعدام النموذج المناسب الذي يجب أن يحتذي به الطفل،فهو لا يكون فقط محط توقعات حين يطلب منه أن يقوم بأعمال لا تناسب سنه، ولكنه يتركمن دون أي شخص يرشده في ممارسة مسؤولياته وحل مشكلاته.
إنّ السلوك الأفضل هو الذي ينتهج الطريق الوسط بينالحماية المفرطة والإهمال. وأفضل مثال على هذا حينما يقع الطفل على الأرض، فتصرخالأُم المفرطة الحماية زارعة الرعب في قلب الطفل في حين لا تلتفت الأُم المهملةإليه مولدة إحساساً بالوحدة والخوف عنده، أمّا الحل الوسط فهو التالي: تكون الأُمهادئة ولكنها مهتمة بمعرفة ما حصل. تقرب من طفلها، تتأكد من أنّه لم يصب بجرح أوبكسر، تقبل مكان الصدمة أو الألم وتؤكد له أن كل شيء على ما يرام. وهكذا، يهدأ روعالطفل ويواصل استكشاف العالم من حوله. حين تتصرف الأُم بهذه الطريقة الهادئة، تخلقفي الأسرة مكاناً يشعر فيه الطفل بمن يشجعه على النمو والتقدم للتعرف على ما هوجديد، وبالأخص للتعرف على ما إذا كان خوفه مبرراً أم لا. وهكذا فإنّ أفضل أسلوب فيالتربية هو الذي يقضي بتحفيز نمو الثقة بالنفس لدى الطفل واحترام مشاعره مع إرشادهإلى الطريقة التي ينبغي التصرف فيها خلال الأوضاع الخطيرة فيالحياة.

منقول

احترامى

 

  • ·          
  • ·          

 

 

About the author / 

مدير الموقع

Leave a reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

مقالات و ابحاث